الصفحة الأولى الصفحة السابقة الصفحة التالية الصفحة الأخيرة    

 
كنعان قبل قيام إسرائيل
فلسطين في عهد الملوك
سوريا في عهد الأشوريين
سوريا في العصر اليوناني
سوريا في العصر البيزنطي
سوريا في العصر الإسلامي
التقسيمات العثمانية في سوريا
الموستوطنات في فلسطين
اتفاقية سايكس / بيكو
الحدود في مؤتمر الصلح
حدود فلسطين تحت الانتداب
مشروع لجنة بيل
تقسيم فلسطين
تقسيم فلسطين الأمم المتحدة
مسرح عمليات فلسطين
تعبئة مسرح العمليات
أهداف القوات العربية
اتجاهات تقدم الجيوش العربية
محصلة الجولة الأولى
طريق تل أبيب - القدس
العملية تخشون
العملية يبوس
العملية مكابي
معركة مشمار هاعميك
العملية مسباريم
العملية شاميتز
العملية يفتاح
العملية يفتاح (2)
العملية بن عامي
العملية بن عامي (2)
الاستيلاء على عتصيون
أوضاع الألوية الإسرائيلية
معارك المالكية
معركة وادي الأردن
معركة مشمار هايردن
معركة جيشر
معركة جنين
دخول الفيلق الأردني القدس
معركة القدس
معركة اللطرون
معركة اللطرون (2)
القوات المصرية في فلسطين
معركة يدمردخاي
معركة أسدود
معركة نيتسانيم
القوات المصرية في الأولى
الموقف في الفترة الأولى
العملية "باروش"
العملية "ديكيل"
العملية "داني"
القتال المصري الإسرائيلي
معركة "نجبا"
معركة "جلؤون"
معركة "بئروت بتسحاق"
العملية "مافيت لابوليش"
الموقف في عراق سويدان
معركة "العسلوج"
أوضاع المحور العرضي
العملية "يؤاف"
العملية "يؤاف" (2)
العملية "هاهآر"
العملية "حيرام"
القتال في الفالوجا
العملية أساف
العملية حوريف
القتال في المحور الشرقي
العملية "عوفدا"

الفصل الأول
الحركة الصهيونية والتآمر الدولي على فلسطين
1840 ـ 1923

الأحداث الرئيسية

11 أغسطس 1840

:

بداية سعي بالمرستون رئيس الوزراء البريطاني إلى إقامة عازل بشري يهودي في فلسطين لعزل مصر عن سورية.

24 يونيه 1891

:

أول الشكاوى العربية من الهجرة اليهودية إلى فلسطين.

مايو 1896

:

بداية سعي هرتزل لدى السلطان عبدالحميد لتوطين اليهود في فلسطين.

29 أغسطس 1897

:

بدء إنعقاد المؤتمر الصهيوني الأول في "بازل" بسويسرا.

18 مايو 1901

:

لقاء هرتزل الأول والأخير بالسلطان عبدالحميد.

18 فبرير 1902

:

إبلاغ هرتزل برفض السلطان عبدالحميد الهجرة والاستيطان اليهودي في فلسطين.

30 يوليه 1905

:

المؤتمر الصهيوني السابع في "بازل" يقرر رفض مشروع الاستيطان في شرق أوغنده والتركيز على فلسطين.

يوليه 1908

:

وصول لجنة الاتحاد والترقي إلى الحكم وتنحية السلطان عبدالحميد.

ديسمبر 1913

:

بدء الاتصالات الاستطلاعية العربية مع الفرنسيين من أجل الثورة.

فبراير 1914

:

بدء الاتصالات الاستطلاعية العربية مع البريطانيين من أجل الثورة.

14 يوليه 1915

:

عرض الشريف حسين على البريطانيين الثورة على الحكم التركي نظير الوعد باستقلال البلدان العربية وخلافته على المسلمين.

20 يناير 1916

:

قبول بريطانيا لعرض الشريف حسين بالثورة مع الوعد بالاستقلال والخلافة.

23 مايو 1916

:

التوقيع النهائي على اتفاقية سايكس/ بيكو بين فرنسا وبريطانيا.

2 نوفمبر 1917

:

صدور تصريح بلفور.

11 نوفمبر 1918

:

توقيع اتفاقية فيصل / وايزمان في لندن.

18 يناير 1919

:

بدء جلسات مؤتمر الصلح في باريس.

28 أبريل 1919

:

إقرار مؤتمر الصلح لميثاق عصبة الأمم.

15 سبتمبر 1919

:

الاتفاق العسكري بين فرنسا وبريطانيا.

19 أبريل 1920

:

مؤتمر المجلس الأعلى للحلفاء في "سان/ريمو" بإيطاليا، ووضع فلسطين تحت الانتداب البريطاني.

10أغسطس 1920

:

فرض معاهدة "سيفر" على تركيا وسلخ الولايات العربية منها.

24 يوليه 1923

:

عقد معاهدة "لوزان" بين الحلفاء وتركيا وتأكيد سلخ الولايات العربية منها.

ــــــــــــــــــــــــ

الفصل الأول

الحركة الصهيونية والتآمر الدولي على فلسطين

أولاً: مرحلة التكوين الفكري للحركة الصهيونية (1840 ـ 1896)

1. المشكلة اليهودية ونشوء الصهيونية

أ. اضطهاد اليهود في أوروبا

انتقلت التجمعات اليهودية الرئيسية خلال عصري الدولة الأموية والعباسية من بلاد الرافدين إلى شمال أفريقيا والأندلس، حيث نعم اليهود بالتسامح الإسلامي وتولوا المناصب الرفيعة في الدولة، وظل ذلك حالهم طوال سنوات الحكم العربي في الأندلس. ومع تصفية الدولة العربية في أسبانيا وانتشار محاكم التفتيش في أواخر القرن الخامس عشر، بدأ عصر جديد عانى فيه اليهود من الاضطهاد والطرد الجماعي من أسبانيا عام 1492 والبرتغال عام 1496.

وبينما كانت أسبانيا تشهد تقلص التجمع اليهودي الرئيسي فيها خلال القرن الخامس عشر، كانت أوروبا الشرقية تشهد نمواً متزايداً لليهود فيها وخاصة روسيا وبولونيا التي انتقل إليها تدريجياً ثقل التجمع اليهودي في أوروبا. ومع نهاية القرن الثامن عشر كان عدد اليهود في أوروبـا قـد بلغ 1.5 مليون فرد، يعيش مليون منهم في روسيا وبولندا وإقليم جاليشيا (GA-Li-cia ) بينما كان الباقون يعيشون وسط وغرب أوروبا. أما باقي اليهود والبالغ عددهم نحو مليون فرد فكانوا يعيشون في كنف الدولة العثمانية، في الشرق الأوسط (بما في ذلك تركيا نفسها) وشمال أفريقيا.

وعندما قُسمت بولندا عام 1795 واضطر معظم اليهود إلى الخضوع تلقائياً للحكم الروسي، فضل كثير منهم الهروب صوب البلدان المسيحية الخاضعة للإمبراطورية العثمانية وهي البلدان التي أصبحت تُعرف فيما بعد برومانيا والمجر.

وقد شهدت أوروبا منذ بداية الوجود اليهودي على أرضها وحتى بداية الحركة الصهيونية أربع موجات من الطرد والتهجير الجماعي لليهود.

الموجة الأولى في نهاية القرن الحادي عشر، وقد واكبت الحروب الصليبية. فعلى أثر التعبئة الدينية للمسيحيين للتوجه نحو الشرق لاسترداد القدس مهد المسيحية، طغت على السطح الجريمة التاريخية الملقاة على عاتق اليهود حيال المسيح مما تسبب في موجة من الاضطهاد والطرد في بلدان الدعوة الصليبية.

والموجة الثانية التي أُطلق عليها الموت الأسود، جاءت مواكبة لتفشي الطاعون في أوروبا في منتصف القرن الرابع عشر وهلاك الكثيرين بسببه. ولما كان الجهل متفشياً، فقد سرت الشائعات بأن الطاعون ليس إلا بلاء من اليهود، فهوجموا بعنف وأحرقت بيوتهم، وقضى على اليهود في حوض الراين، فتوجهوا نحو شرق أوروبا.

بينما جاءت الموجة الثالثة في أعقاب تصفية الحكم العربي في أسبانيا وانتشار محاكم التفتيش الكاثوليكية، وكان الانتقام من اليهود بطردهم في أواخر القرن الخامس عشر.

أما الموجة الرابعة فكان مصدرها روسيا، حيث أدت المذابح الشهيرة ضد اليهود ـ على أثر اتهامهم بمقتل القيصر اسكندر الثاني عام 1881 ـ إلى هجرة الكثيرين منهم في هستريا جماعية إلى بولندا ورومانيا والولايات المتحدة وفلسطين.

وكانت غالبية التجمعات اليهودية في أوروبا تعيش في المدن في أحياء خاصة بهم أطلق عليها في القرن السادس عشر اسم "جيتو" حيث كان اليهود يمنعون من الاختلاط بسائر السكان، وتُفرض عليهم قوانين خاصة بهم. وعاش اليهود داخل الجيتو أحراراً في عاداتهم وطقوسهم، إلا أنه فُرض عليهم وضع شارات صفراء لتمييزهم عندما تستدعى الضرورة خروجهم من الجيتو.

ولما كان شبح الاضطهاد هو الذريعة الكبرى للحركة الصهيونية، كما كان مدخلها إلى فلسطين، فقد أصبح التركيز على سيرة الاضطهاد من أبرز سمات الدعاية الصهيونية منذ البداية.

ومع عصر النهضة، وانتشار المبادئ الإنسانية، وخاصة في القرن الثامن عشر أخذ الكابوس ينحسر تدريجياً، وعندما جاءت الثورة الفرنسية منحت اليهود مثل باقي المواطنين المساواة التامة بما لا يسمح بحرمان اليهود من أي حقّ كان، أُسوة بباقي الفرنسيين. ومن فرنسا انتقلت مسيرة المساواة وتشعبت في الكثير من بلدان أوروبا الغربية وبحلول عام 1874 كان اليهود في معظم تلك البلدان قد نالوا حقوقهم المدنية كاملة، وتحطمت جدران العزلة التي فُرضت عليهم واندمج الكثير منهم في المجتمعات الأوربية في ظل النظام الرأسمالي والثورة الصناعية. وهكذا يمكن القول أنه في الوقت الذي فتحت فيه الثورة الفرنسية أبواب الجيتو من الناحية السياسية والقانونية، فإن الرأسمالية والثورة الصناعية ساهمتا في فتح تلك الأبواب من الناحية الاقتصادية.

إلا أن هناك جماعات من اليهود رفضت الخروج من الجيتو إن لم يكن عملياً فنفسياً واجتماعياُ على الأقل. وقد وجد هؤلاء في الجيتو أماناً لهم وحماية ليهوديتهم، خاصة وأن المساواة السياسية والقانونية لم تقترن دائماً بالمساواة الاجتماعية التي لا تُفرض بقانون، كما ساهمت عمليات الاستغلال والمعاملات الربوية المعروفة عن اليهود من أزكاء مشاعر المواطنين الأوربيين ضدهم، مما أدى إلى انتشار الموجات المعادية للسامية، وظهور الأحزاب والمؤسسات المعادية لليهود في بعض البلدان الأوربية كألمانيا والنمسا وروسيا وبولندا. وهكذا أسهمت أوروبا بموجات الاضطهاد ومعاداة السامية في إيجاد التربة والبيئة الصالحة لغرس بذور الحركة الصهيونية التي كان على العرب عامة والفلسطينيين خاصة دفع فاتورة حسابها خلال القرن العشرين.

ب. محاولات الاندماج وفشلها

مع انبعاث الثورة الفرنسية وانتشار الآراء التحررية، واللقاءات الفكرية بين المثقفين المسيحيين واليهود، بدأ الآخرون يتأثرون بالمفاهيم التحررية السائدة في مطلع القرن التاسع عشر، وهي مفاهيم لم تكن ترتكز على القومية أو الدين، مما جعل هؤلاء اليهود يحسون أنهم غرباء عن ماضيهم القديم، وبالتالي أصبح اندماج اليهودي المتحضر في المجتمع الذي يعيش بين ظهرانيه يعني مزيداً من التحرر الذاتي من قيود الماضي، وبالتالي مزيداً من التقدم.

وهكذا ظهرت بين اليهود في أوروبا الغربية حركة تحررية علمانية عرفت باسم "الهاسكالاه"، وارتبطت منذ ظهورها باسم رائدها الأول "مندلسن" الذي كان يعتقد أن الجيتو العقلي لليهود لا يقل أثراً عن الجيتو الجغرافي، وأن التحرر من الجيتو الأخير لا يمكن أن يتم دون التحرر من الجيتو الأول. وعلى ذلك قام مندلسن بدعوة اليهود إلى تشرب الثقافة العلمانية والإندماج في الحضارة الأوربية جنباً إلى جنب مع دراستهم الثقافية واللغة العبرية التي كانت لغة شبه ميتة.

وتباينت آراء رواد "الهاسكالاه"، فمن التحرر القائم على استيعاب القديم والحديث معاً كمندلسن إلى تحرر بعيد المدى قائم على الفصل بشكل نهائي بين التاريخ اليهودي القديم والحاضر، على اعتبار أن الماضي أصبح ميتاً لا يمكن إحياؤه، والتوقف نهائياً عن الحلم بالعودة إلى أورشليم وانتظار المسيح، وهو ما نادى به "غبريال ريزر" في منتصف القرن التاسع عشر.

وقد بلغ الأمر ببعض اليهود من رواد التحرر والاندماج إلى الدعوة لاعتناق المسيحية بشكل جماعي لأنهم رأوا فيها بطاقة الدخول إلى الحضارة الأوربية مثل "دافيد فريد لاندر" و"هايني".

وبالرغم من الشوط البعيد الذي قطعه رواد التحرر للاندماج في المجتمعات الأوربية، إلا أنهم أصبحوا مكروهين من المسيحيين واليهود على السواء.

وعلى عكس أوروبا الغربية اتخذت مسيرة الاندماج في أوروبا الشرقية درباً مختلفاً، حيث أدت الحالة المتدنية لليهود في روسيا وظلم القياصرة لهم إلى نوع من التلاحم بينهم ومحاولة الحفاظ على تقاليدهم جيلاً بعد جيل. وكانت ممارستهم لعباداتهم تقترن تلقائياً باستدعاء الماضي وتجدد الحلم بالعودة إلى الأرض المقدسة (فلسطين)، وحتى القلة من اليهود الروس التي دعت للاندماج في ستينيات وسبعينيات القرن التاسع عشر وعلقت آمال التحرر عليه عادت وتراجعت عن تلك الدعوة أمام سياسة إسكندر الثالث المعادية لليهود.

وعلى النقيض من دعوة مندلسن، كان دعوة "سمولنسكين" الذي أخذ يهاجم فكرة الاندماج الحضاري طارحاً فكرة الحضارة اليهودية بديلاً عنها. وتلخصت دعوته في أن اليهود كان شعباً، وما توقفوا أن يكونوا كذلك ورأى أن "الهاسكالاه" حرَّفت التراث الديني وجعلت حب اليهودي لشعبه "موضة قديمة"، كما رأى أن دعوة مندلسن لإحياء اللغة العبرية لا قيمة لها ما لم يتم الحفاظ على التراث الديني، "فلا عبرية بلا توراه ولا تواره بلا شعب يهودي". ومن ثم رفض "سمولنسكين" كل حركة دينية إصلاحية حتى لا ينقسم اليهود، وأخذ يدعو إلى إنبعاث قومي في أرض الأجداد التي رأى فيها الملجأ الأخير لليهود.

وانضم إلى صوت سمولنسكين أصوات يهودية مسموعة أخرى مثل الشاعر "يهودا ليب جوردن" الذي اشتهر بقوله "كن أنساناً في الخارج ويهودياً في بيتك"، ومثله "ليلينبلوم" الذي بدأ حياته منتقداً للتلمود ومدافعاً عن الاشتراكية ثم تحول إلى قومي متطرف، فقد رأى أن التطور الحضاري القائم على النوازع القومية لن يوقف اضطهاد اليهود، كما لن يحل المجتمع الاشتراكي المشكلة اليهودية حيث سينظر لهم على أنهم رأسماليون، وعلى ذلك دعا إلى وطن قومي في فلسطين، ولما كان موضوع فلسطين غير متفق عليه بعد، فقد أصبح الحوار الدائر بين يهود روسيا وشرق أوروبا هو "فلسطين أم الولايات المتحدة".

ج. الجذور الدينية للفكر الصهيوني

تظهر الجذور الدينية في نشأة الفكر الصهيوني أول ما تظهر في التسمية نفسها. فكلمة "صهيون" هي تسمية كنعانية أطلقت على الجبل الشرقي لمدينة أورشليم في عهد داوود.

وجاء اختيار هذه الكلمة لتكون جسراً يربط التراث الديني والتاريخي القديم في فلسطين بالفكر الصهيوني الحديث، فمنذ الخراب الأول للدولة اليهودية وتدمير المعبد وتشتيت اليهود في السبي، أصبحت كلمة "صهيون" ملازمة لصلوات اليهود ورمزاً لأحلامهم بالعودة إلى أورشليم. ولم تنقطع صلة اليهود الروحية بالأرض المقدسة وهم في بلاد الشتات كما كانت الطقوس الدينية والأعياد تعمل على إحياء التراث التوراتي في النفوس وبعث الحنين الدائم إلى زيارة أرض الأجداد.



الصفحة الأولى الصفحة السابقة الصفحة التالية الصفحة الأخيرة