الصفحة الأولى الصفحة السابقة الصفحة التالية الصفحة الأخيرة    

 
كنعان قبل قيام إسرائيل
فلسطين في عهد الملوك
سوريا في عهد الأشوريين
سوريا في العصر اليوناني
سوريا في العصر البيزنطي
سوريا في العصر الإسلامي
التقسيمات العثمانية في سوريا
الموستوطنات في فلسطين
اتفاقية سايكس / بيكو
الحدود في مؤتمر الصلح
حدود فلسطين تحت الانتداب
مشروع لجنة بيل
تقسيم فلسطين
تقسيم فلسطين الأمم المتحدة
مسرح عمليات فلسطين
تعبئة مسرح العمليات
أهداف القوات العربية
اتجاهات تقدم الجيوش العربية
محصلة الجولة الأولى
طريق تل أبيب - القدس
العملية تخشون
العملية يبوس
العملية مكابي
معركة مشمار هاعميك
العملية مسباريم
العملية شاميتز
العملية يفتاح
العملية يفتاح (2)
العملية بن عامي
العملية بن عامي (2)
الاستيلاء على عتصيون
أوضاع الألوية الإسرائيلية
معارك المالكية
معركة وادي الأردن
معركة مشمار هايردن
معركة جيشر
معركة جنين
دخول الفيلق الأردني القدس
معركة القدس
معركة اللطرون
معركة اللطرون (2)
القوات المصرية في فلسطين
معركة يدمردخاي
معركة أسدود
معركة نيتسانيم
القوات المصرية في الأولى
الموقف في الفترة الأولى
العملية "باروش"
العملية "ديكيل"
العملية "داني"
القتال المصري الإسرائيلي
معركة "نجبا"
معركة "جلؤون"
معركة "بئروت بتسحاق"
العملية "مافيت لابوليش"
الموقف في عراق سويدان
معركة "العسلوج"
أوضاع المحور العرضي
العملية "يؤاف"
العملية "يؤاف" (2)
العملية "هاهآر"
العملية "حيرام"
القتال في الفالوجا
العملية أساف
العملية حوريف
القتال في المحور الشرقي
العملية "عوفدا"

ثانياً: تطور الموقف العسكري العام خلال فترة القتال الأولى (15 مايو ـ 11يونيه)

1. عام

عندما بدأت الجيوش العربية تحركها لدخول فلسطين لم يكتف الملك عبدالله بالتعديل الذي أجراه على محور تقدم الجيش السوري عشية ذلك التدخل، بل أمر أيضاً بإجراء تعديلين آخرين قضى أولهما بنقل محور تقدم الجيش اللبناني من ساحل البحر الأبيض إلى "المالكية" في الجليل الشمالي الشرقي، كما قضى الثاني بتغير محور تقدم الجيش الأردني من قطاع نابلس إلى قطاع القدس، وهو ما أدى إلى سحب الجيش العراقي إلى مثلث "جنين/ نابلس/ طولكرم" اعتباراً من 22 مايو، الأمر الذي كشف الجناح الأيسر للقوات السورية جنوب بحيرة طبرية، وأخلى الجهة العربية الشمالية إلا من القوات اللبنانية المحدودة، الأمر الذي أخل بفكرة العملية التي حددها رؤساء أركان حرب الجيوش العربية.

وفي فجر الخامس عشر من مايو بدأت القوات العربية تقدمها داخل الأراضي الفلسطينية، وبعد بضعة أيام باشرت القيادة العامة للقوات المسلحة العربية تنفيذ التعديلات الجديدة على محاور تقدم القوات العراقية والأردنية، فبدأت الأولى تحركها إلى "طوباس" و"نابلس"، وتقدمت مفارزها الأمامية نحو "جنين" و"طولكرم"، في الوقت الذي تقدمت فيه الثانية إلى رام الله والقدس مع دفع إحدى سراياها إلى اللد والرملة.

وخلال الأسبوعين الأخيرين من شهر مايو اتخذت القوات العربية أوضاع الهجوم على كافة الجبهات، وبدا أنها تحقق تقدماً معقولاً في عملياتها التعرضية ـ على الأقل ـ داخل الأراضي المخصصة للدولة العربية في مشروع التقسيم، بينما كان الإسرائيليون يتخذون أوضاع الدفاع، محاولين في استماتة بناء وتنظيم تشكيلاتهم تحت وطأة الهجوم العربي الذي أحاط بها.

وقد اتخذت القوات الإسرائيلية بصورة عامة أوضاع الدفاع مع تركيز الجهود الرئيسية في العمق، حيث وقع على المستعمرات التي سبق اختيارها في مواقع حاكمة مهمة كسر حدة الهجوم العربي، وتهديد أجناب القوات المهاجمة وخطوط مواصلاتها، بينما تأهبت القوات الرئيسية في الخلف للقيام بالهجمات المضادة. إلا أن الضغط العربي المستمر على كافة الجبهات لم يسمح للقوات الإسرائيلية باستعادة زمام المبادأة خلال فترة القتال الأولى.

وعندما اجتمعت اللجنة السياسية لجامعة الدول العربية صباح 26 مايو في عمان – بحضور قادة الجيوش العربية في فلسطين ـ لبحث الموقف العسكري على ضوء قرار مجلس الأمن الصادر يوم 22 مايو (الذي دعا إلى وقف القتال في مسرح عمليات فلسطين) دارت مناقشات حول الخطوة العسكرية التالية بعد أن حققت القوات العربية أغلب مهامها التي أصدرها القائد العام مساء 14 مايو.

وقد تبلورت تلك المناقشات في ضرورة قيام القوات الأردنية والعراقية والمصرية بالهجوم في وقت واحد للضغط على القوات الإسرائيلية في كافة الاتجاهات حتى يمكن للسياسيين أن يتحدثوا من موقع القوة بالنسبة لوقف إطلاق النار.

ولما كانت اللجنة السياسية لجامعة الدول العربية تجهل الاتفاق الذي تم بين الملك عبدالله ورئيس وزرائه مع الحكومة البريطانية بقصر تدخل الجيوش العربية على القسم العربي من قرار التقسيم، فقد تبلورت الخطوط العريضة للهجوم الذي كانت تطلع إليه تلك اللجنة فيما يلي.

أ. الجيش الأردني

تُخصص قيادة ذلك الجيش قوة تقدر بمجموعة لواء لحصار القدس وتطهيرها، مع دفع باقي القوات على الفور للتجمع غرب "باب الواد" استعداداً للهجوم في اتجاه "تل أبيب" و"يافا" على محورين، الأول على طريق "اللطرون/الرملة"، والثاني على يساره في اتجاه "خلدة/عكير/رحابوت".

ب. الجيش العراقي

يتقدم ذلك الجيش من "نابلس" إلى "طولكرم" بعد إتمام حشده للهجوم في اتجاه "ناتانيا". وقُدر لإتمام ذلك الحشد من أربعة إلى خمسة أيام.

ج. الجيش المصري

يقوم ذلك الجيش من مواقعه (آنذاك) بتحقيق الاتصال وسد الثغرة بينه وبين القوات الأردنية التي ستُدفع على المحور الأيسر ببعض القوات الخفيفة المزودة بالمدفعية والمصفحات.

ومع إتمام القوات العربية الثلاث لحشودها وسد الثغرات بينها والاتفاق على ساعة الصفر لبدء هجومها، تقوم هذه القوات بالضغط على القوات الإسرائيلية والتقدم في اتجاه "يافا" و"تل أبيب"، كل من اتجاه تقدمها الأصلي.

إلا أنه في اليوم التالي لاجتماع اللجنة السياسية لجامعة الدول العربية المشار إليه، أوضحت القيادة الأردنية لكل من نائب القائد العام للقوات العربية (العراقي) وممثل الجيش المصري في عمان أن أوضاع القوات الأردنية لا تسمح لها بالهجوم نظراً لتعرضها لضغط كبير من القوات الإسرائيلية في منطقة "باب الواد" و"اللطرون" و"عرطوف"، وطلبت تلك القيادة أن يتقدم الجيش المصري إلى خط "يبنا/عاقر" على الفور وليس متأخراً عن يوم 29 مايو، كما طلبت أن يتقدم الجيش العراقي من "طولكرم" في اتجاه "ناتانيا"، إلا أن ممثلي الجيش المصري والعراقي في عمان وجدا في طلب القيادة الأردنية كثيراً من التعسف لاستحالة تنفيذها في الوقت الذي طلبته تلك القيادة، وأن كل ما يمكن عمله لمساعدة الجيش الأردني وقتئذ هو القيام ببعض أعمال القتال المحدودة على الجبهتين المصرية والعراقية، في الوقت الذي تقوم فيه القوتان الجويتان المصرية والعراقية بتكثيف هجماتها على التجمعات الإسرائيلية التي تهدد القوات الأردنية، على أن يتم الهجوم بالجيوش الثلاثة طبقاً للخطوط العريضة التي سبقت الإشارة إليها عندما تكون الجيوش الثلاثة مستعدة لذلك.

وعلى ذلك قامت القوتان الجويتان المصرية والعراقية بتكثيف هجماتها ضد التجمعات الإسرائيلية غرب "اللطرون" أيام 27، 28، 29 مايو، كما قامت القوات العراقية بالتقدم في اتجاه "ناتانيا"، ووصلت طلائعها المدرعة إلى "كفاريونا" و"عين فيرد" قبل أن يوقفها لواء "اسكندروني" على مسافة 8 كم شرق "ناتانيا" يوم 30 مايو، أما القوات المصرية فقد تقدمت في اتجاه "أسدود" شمال "المجدل" ونجحت في احتلالها يوم 29 مايو، كما شددت القوات الأردنية في منطقة القدس ضغطها على القوات الإسرائيلية فيها، فسقطت المدينة القديمة في أيدي القوات الأردنية في نفس اليوم.

أما جيش الإنقاذ، فقد أمر القائد العام (الملك عبدالله) قيادته بإخلاء مواقعه وتسليمها إلى القوات العراقية والأردنية والانسحاب من فلسطين إلى سوريا لإعادة تنظيم قواته ودعم القوات اللبنانية في الدفاع عن منطقة الحدود.

ولمواجهة التهديد العراقي في الشريط الساحلي الضيق في المنطقة الوسطى، قامت القوات الإسرائيلية ابتداءً من 31 مايو بعملية هجومية لتهديد منطقة "نابلس" والجناح الشمالي للقوات العراقية، إلا أن ذلك الهجوم باء بالفشل نتيجة للمقاومة العراقية الصلبة والتعزيزات التي وصلت إلى تلك القوات، فضلاً عن الأخطاء الإسرائيلية في إدارة ذلك الهجوم.

ولم يكن حظ الإسرائيليين بأفضل حالاً على الجبهة الجنوبية، فقد نجحت القوات المصرية في صد هجماتهم المتكررة على منطقة "أسدود" في آخر مايو والأسبوع الأول من يونيه، وكبدت المهاجمين خسائر جسيمة.



الصفحة الأولى الصفحة السابقة الصفحة التالية الصفحة الأخيرة