الصفحة الأولى الصفحة السابقة الصفحة التالية الصفحة الأخيرة    

 
كنعان قبل قيام إسرائيل
فلسطين في عهد الملوك
سوريا في عهد الأشوريين
سوريا في العصر اليوناني
سوريا في العصر البيزنطي
سوريا في العصر الإسلامي
التقسيمات العثمانية في سوريا
الموستوطنات في فلسطين
اتفاقية سايكس / بيكو
الحدود في مؤتمر الصلح
حدود فلسطين تحت الانتداب
مشروع لجنة بيل
تقسيم فلسطين
تقسيم فلسطين الأمم المتحدة
مسرح عمليات فلسطين
تعبئة مسرح العمليات
أهداف القوات العربية
اتجاهات تقدم الجيوش العربية
محصلة الجولة الأولى
طريق تل أبيب - القدس
العملية تخشون
العملية يبوس
العملية مكابي
معركة مشمار هاعميك
العملية مسباريم
العملية شاميتز
العملية يفتاح
العملية يفتاح (2)
العملية بن عامي
العملية بن عامي (2)
الاستيلاء على عتصيون
أوضاع الألوية الإسرائيلية
معارك المالكية
معركة وادي الأردن
معركة مشمار هايردن
معركة جيشر
معركة جنين
دخول الفيلق الأردني القدس
معركة القدس
معركة اللطرون
معركة اللطرون (2)
القوات المصرية في فلسطين
معركة يدمردخاي
معركة أسدود
معركة نيتسانيم
القوات المصرية في الأولى
الموقف في الفترة الأولى
العملية "باروش"
العملية "ديكيل"
العملية "داني"
القتال المصري الإسرائيلي
معركة "نجبا"
معركة "جلؤون"
معركة "بئروت بتسحاق"
العملية "مافيت لابوليش"
الموقف في عراق سويدان
معركة "العسلوج"
أوضاع المحور العرضي
العملية "يؤاف"
العملية "يؤاف" (2)
العملية "هاهآر"
العملية "حيرام"
القتال في الفالوجا
العملية أساف
العملية حوريف
القتال في المحور الشرقي
العملية "عوفدا"

ثانياً: فلسطين في عصور السيطرة الهندو ـ أوروبية (539ق.م ـ 638م)

1. فلسطين في عهد السيطرة الفارسية (539 ـ 332 ق.م)

أصبحت دويلات سورية وفلسطين جزءاً من الإمبراطورية الفارسية بعد سقوط بابل، وأصبحت منطقة شرق المتوسط وقبرص تمثل الولاية الخامسة في تلك الإمبراطورية ـ التي أعطت ولاياتها قدراً لا بأس به من الحكم الذاتي وأصبحت دمشق وأحياناً صيدا مركزاً لهذه الولاية.

وقد وجد كورش (مؤسس الإمبراطورية الفارسية) عندما دخل "بابل" جالية يهودية يعود أصلها إلى عهد "نبوخذ نصر". ويبدو أن تلك الجالية ساعدت كورش على احتلال المدينة، فقد سارع الفاتح الفارسي إلى إصدار مرسوم يعطي الذين يودون منهم العودة حق الرجوع إلى فلسطين وإعادة بناء معبدهم. وقد فسر بعض المؤرخين هذا الموقف على أنه محاولة من كورش لموازنة النفوذ المصري في تلك البلاد، فإن "وجود طائفة يهودية في فلسطين تدين بوجودها لإحسانه سيشكل توازناً فعالاً تجاه الحزب الموالي للمصريين الذي طالما برز في شؤون فلسطين".

وخلال الحكم الفارسي الذي امتد قرابة مائتي عام، ساد فلسطين هدوء نسبي لما اتسم به ذلك الحكم بالعدل والاستقرار بوجه عام لا بالبطش والإبادة كما كان هو الحال في عهد الآشوريين والبابليين.

2. فلسطين في عهد السيطرة اليونانية (332 ـ 63 ق.م)

بدأت السيطرة اليونانية على فلسطين بعد هزيمة الفرس أمام قوات الإسكندر المقدوني في أسيا الصغرى وتقدم الأخير جنوباً للسيطرة على ولايات شرق البحر المتوسط ليؤمن خطوط مواصلاته. فاستسلمت بلدان سورية وفلسطين للغازي الجديد دون مقاومة ولم يتجرأ على إغلاق الأبواب في وجهه سوى صور وغزة فحاصر الأولى سبعة أشهر والثانية شهرين قبل إخضاعهما عام 332 (ق.م). أما القدس فقد فتحت أبوابها للإسكندر بمساعدة اليهود من سكانها ما بين سقوط صور وغزة. وبسقوط الأخيرة أصبحت كل من سورية وفلسطين خاضعتين للسيطرة اليونانية.

ولم يحكم الاسكندر طويلاً بعد سيطرته على مصر ومد حدود إمبراطوريته شرقاً حتى الهند. واقتسم قادته إمبراطوريته الشاسعة بعد وفاته عام 323(ق.م). ولما كانت فلسطين واقعة في منطقة النزاع بين دولة البطالمة التي أسسها "بطليموس" في مصر ـ أحد قادة الاسكندر ـ ودولة السلوقيين التي أسسها زميله "سلوقس" في بابل وفارس فقد تبادل السيطرة عليها البطالمة في البداية، ثم السلوقيون اعتباراً من أوائل القرن الثاني (ق.م). وفي عهد الآخيرين قسمت فلسطين إلى ثلاثة ألوية: لواء الجليل، ولواء السامرة، ولواء القدس. أما عكا فتمتعت بقدر من الاستقلال والحق في سك النقود.

وحاول السلوقيون فرض الثقافة والتقاليد والديانة الهيلينية الوثنية على سكان البلاد ولما كان عدد كبير من سكان فلسطين آنذاك ـ باستثناء اليهود ـ يعتنقون ديانات أقرب إلى الوثنية، فلم يجد الحكام الجدد مقاومة في هذا الشأن إلا من بعض اليهود المكابيين الذين اندلعت ثورتهم عام 167 ق.م في شكل ثورة دينية، ثم تطورت إلى المطالبة بالاستقلال السياسي. وانتهى الأمر باعتراف السلوقيين ـ الذين أصابهم الضعف في منتصف القرن الثاني (ق.م) ـ باستقلال المكابيين عام 141 من ذلك القرن، الذين نجحوا في بسط سيطرتهم على كل الجليل في أواخر عهد السلوقيين، وأجبروا السكان من غير اليهود والأدوميين جنوب البحر الميت على اعتناق الديانة اليهودية. ومع بداية السيطرة الرومانية تم تصفية حكم المكابيين ودخلت فلسطين كلها تحت الحكم الروماني عام 63ق.م.

وطوال العهد اليوناني الذي امتد نحو ثلاثة قرون، كان سكان فلسطين ـ باستثناء الحكام اليونانيين ـ خليطاً من الكنعانيين والقبائل العربية والسامريين والأراميين والإسرائيليين والفلسطينيين، بالإضافة إلى بقايا الفاتحين السابقين كالآشوريين والمصريين والبابليين والفرس الذين بقوا في البلاد، وبالرغم من أن اللغة اليونانية كانت اللغة الرسمية طوال ذلك العهد، فإن اللغة الآرامية (الدارجة) بقيت لغة الحديث المتداولة، وهي اللغة التي تطورت منها السريانية.

3. فلسطين في عهد السيطرة الرومانية (63ق.م ـ 636م)

عند فتح بومبي سورية عام 64ق.م كانت سورية في حالة من الفوضى التي خلفها الحكم السلوقي الضعيف، كما كانت السيادة على جنوبها (فلسطين) مقسمة بين الأنباط (العرب) والمكابيين (اليهود) واليونانيين (المدن اليونانية)، وعلى ذلك تقدمت القوات الرومانية واحتلت فلسطين دون عناء عام 63 ق.م. وأصدر بومبي قراراً بتوحيد سورية كلها (بما في ذلك فلسطين) في ولاية واحدة تحكم مباشرة بواسطة نائب قنصل روماني.

وفي آخر القرن الرابع الميلادي انقسمت الإمبراطورية الرومانية إلى إمبراطوريتين شرقية وغربية، وكانت فلسطين وسورية من أراضي الإمبراطورية الرومانية الشرقية (البيزنطية) التي امتد حكمها ما يقرب من قرنين ونصف (395 ـ 636)، لم يقطعها سوى احتلال الفرس لها لمدة سنتين خلال الاضطرابات والفوضى التي أعقبت اغتيال يوليهس قيصر(40 ـ 38 ق.م).

وقد كرس الرومان اسم فلسطين تاريخياً، حيث قسمت البلاد في عهدهم إلى ثلاث مناطق هي:

أ.

فلسطين الأولى: وتشمل نابلس والقدس والخليل والسهل الساحلي حتى رفح وعاصمتها قيسارية.

ب.

فلسطين الثانية: وتشمل الجليل وأم قيس وقلعة الحصن وطبرية، وعاصمتها بيسان.

ج.

فلسطين الثالثة: وهي بلاد الأنباط وتشمل منطقة جنوب فلسطين وبئر السبع، وكانت البتراء (في الأردن) عاصمتها.

وخلال العهد الروماني أصبحت اللغة اللاتينية اللغة الرسمية فقط، بينما بقيت في عهدهم اللغة اليونانية لغة للتعليم والأدب والآرامية الدارجة للحديث، كما بقيت اللغات الأصلية الخاصة بالسكان كالعربية لغة الأنباط والعبرية لغة الإسرائيليين.

وقد تميز العهد الروماني في فلسطين بحدثين هامين كان لهما أكبر الأثر في تاريخ فلسطين: أولهما ظهور المسيحية على أرض فلسطين، وثانيهما نهاية اليهودية في فلسطين في ذك العصر.

ففي فلسطين وُلد السيد المسيح (عليه السلام) وبدأ نشر دعوته وتعاليمه التي كانت بداية لعهد جديد، ومنها خرج تلاميذه للتبشير بالديانة المسيحية. وبالرغم من الاضطهاد الروماني للمسيحيين فقد أخذت المسيحية تنتشر تدريجياً حتى انتشرت في فلسطين كلها بعد مولد المسيح بثلاثة قرون.

ولم يسلِّم اليهود بانتشار المسيحية، وقاموا بدورهم التاريخي المعروف في التنكر للسيد المسيح. أما بالنسبة للرومان فكانت الجماعات اليهودية أقل الجماعات الفلسطينية المتعددة استجابة لتأثيرات الحضارة الرومانية. وقد أدت ممارستهم لسياسة الانطواء والعزلة إلى تغذية شعورهم القومي ووقوع مصادمات اتسعت لتصبح ثورات قومية بين عامي 66 و70م في عهد "نيرون" وبين عامي 132 ـ 134م تحت حكم "هادريان". وقد انتهت هاتان الثورتان بكارثة قومية لليهود، فقد تم تصفية الوجود اليهودي في فلسطين وتدمير أورشليم وحرق معبدها، ومنذ عام 135 م تشتت من بقي من اليهود بعد الكارثة على شواطئ البحر المتوسط ولم يعد لهم في فلسطين وجود أو شأن يذكر.

أما المسيحية فقد أخذ شأنها يعلو في فلسطين ابتداءً من عهد الإمبراطور قسطنطين (306 ـ 337م) أول من تنصر من أباطرة الرومان واُقيمت الكنائس في عهده. كما أمرت الملكة هيلانة ببناء كنيسة القيامة في القدس التي أعيد بناؤها.

وفي العقد الثاني من القرن السابع الميلادي تعرضت فلسطين لغزوة فارسية جديدة، وقامت قوات كسرى باحتلال القدس وإحراق كنيسة القيامة وقتلوا عشرات الآلاف من المسيحيين. إلا أن البلاد عادت للحكم البيزنطي من جديد بعد أن هزم هرقل الفرس في نينوي عام 627 م، ورفع الصليب في القدس في العام التالي كما أعيد بناء كنيسة القيامة. وعندما انتهى العهد الروماني البيزنطي في القرن السابع وأصبحت فلسطين دولة إسلامية استمرت الكنائس تعمل بحرية تامة، فقد جاء الإسلام متمماً للديانات السماوية، وليس متناقضاً معها.



الصفحة الأولى الصفحة السابقة الصفحة التالية الصفحة الأخيرة